کد مطلب:163896 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:245

من معطیات الثورة الحسینیة
حینما نجلس فی مأتم أو فی محفل من محافل ذكر الامام الحسین (ع) وثورته الخالدة.. التی هی خلاصة لثورات الانبیاء علیهم الصلاة والسلام وامتداد لرسالات الله. فإننا نفعل ذلك لتصفیة أنفسنا وتزكیة ذواتنا.

ان هذه الدموع التی تجری علی مصاب الشهید السبط تغسل قلب الانسان، وتقلع الصفات السیئة من نفسیته، فتراهم یلتحم عن طریق الدموع وبسبب هذه التزكیة مع روح أبی عبد الله الحسین (ع) صاحب البطولات النادرة، أی مع تلك النفسیة التی انتصرت علی كل عوامل الضعف البشری.

ان هذه الدموع هی وسیلة تلاحمنا، وأسلوب تفاعلنا واتصالنا بینبوع فیض الحسین (ع) وفیض أهل بیت النبوة وأصحابه سلام الله علیهم جمیعاً، وكذلك كل نوع من أنواع تجدید ذكری أبی عبد الله الحسین (ع)، یجعلنا أكثر تفاعلاً مع هذه المأساة وبالتالی أكثر استیعاباً لدروسها وللقضاء علی النفاق والخداع الذاتی.

نحن فی قفص الاتهام.

الامام الحسین علیه الصلاة والسلام حجة الله علینا یوم القیامة وكل امام حجة.

فماذا تعنی الحجة؟

الحجة تعنی ان الله سبحانه وتعالی الذی خلقك، خلق الامام الحسین (ع)، والذی أعطی الامام الحسین تلك المواهب فان رحمته واسعة، وهو قادر أن یتفضل بلطفه بمثل تلك المواهب علیك، ان الذی أعطی الامام الحسین (ع) هذه المقدرة حتی أنه كلما أصیب فی یوم عاشوارء بمصیبة جلّل وجهه الكریم غیمة من البشارة والانشراح.

لماذا؟

لانه كان متصلاً بقدرة الله ویتجلی ذلك فی مصیبة أبنه علی الاكبر وهی المصیبة الصعبة الالیمة، وتتمثل أیضاً فی فاجعة الطفل الرضیع الذی ألهب قلبه الصغیر الجوع والعطش والحر الشدید، فیطلب الامام الحسین (ع) لهذا الطفل شربة من الماء واذا بالاعداء یمرونه بوابل من السهام الغادرة فیذبحونه علی صدر أبیه، فهل یوجد هناك قلب بشری قادر علی أن یتحمل مرارة هذه المصیبة وألمها، كلا. ولكن مع ذلك الامام الحسین (ع) یمسك بالدم ویرمی به نحو السماء ویقول:

«هوّن علیّ ما نزل بعین الله».

لان ما یجری إنما كان بعین الله، وتحت سمعه وبصره وبأحاطة علمه فان ذلك سیهون علیّ، واننی أحب ربی، ومن یحب أحداً فلابد أن یضحی من أجله. وهنا أسأل الانسان-لا أقول: أیها المسلم أو الموالی كلا-إنما أقول أیها الانسان!

كیف انتصر الامام الحسین علیه الصلاة والسلام علی عوامل الضعف البشریة فی ذاته؟

كیف انتصر علی حبه العمیق_أوبالاحری_علی شفقته الشدیدة تجاه ابنه الرضیع، تجاه نجله الشاب الوسیم الذی رآه أمامه مقطعاً بالسیوف ارباً ارباً؟

كیف انتصر علی هذه العوامل كلها وهو بشر، وكان صامداً كالطود العظیم ازاءها؟ بل یتهلل وجهه الكریم انشراحاً كلما زادت مصائبه؟

لاشك أن ذلك كان لارتباطه برب العالمین، لانه یری أن هذه المصائب هی الجسر الذی یربطه بالله ویقربه الیه زلفی.

وما أنت فلماذا لا تنتصر علی ضعفك أیها الانسان؟

ان هذه هی الحجة الله علینا، فكلما نجلس ونذكر ثورة الامام الحسین علیه الصلاة والسلام، ونعظم فیه هذه البطول كلما ندین ضعف أنفسنا، ونحثها علی سلوك الطریق الذی سلكه الامام الحسین (ع) للانتصار علی ذاتها وضعفها.

ان هذا هو الدرس الاعظم الذی یستطیع كل انسان أن یستوعبه من سیرة أبی عبد الله الحسین (ع)، وهكذا فان كربلاء مدرسة متكاملة للمكرمات وللناس، كل الناس بمختلف فئاتهم باستطاعتهم أن یستفیدوا دروساً فی المكرمات من هذه المدرسة بل من هذه الجامعة-ان صح التعبیر-.

الشباب بأمكانهم، یدرسوا عند علی الاكبر، عند القاسم، عند سائر شباب أهل البیت-علیهم السلام-وللشیوخ أیضاً أساتذتهم فی كربلاء الحسین (ع) حبیب بن مظاهر، مسلم بن عوسجة، وغیرهم من الذین ضحوا فی سبیل الله.

النساء یستطعن أن یستفدن من هذه المدرسة ویتتلمذن عند زینب الكبری علیها الصلاة والسلام، وعند النساء الفاضلات الاخریات علیهم السلام.